الأربعاء 20 ربيع الأول 1445 - الموافق 04-10-2023
آخر الأخبار

في مثل هذا اليوم.. القاهرة تشهد معركة فكرية ساخنة حول (عولمة الثقافة العربية)

الأحد, 5 رجب 1443 - 02:56 م


في ليلة من أزهى لياليه, وفي في تمام الساعة السابعة مساء يوم الأحد الموافق الرابع من فبراير عام 2001 م، وعلى القاعة العائمة في نهر النيل من باخرة السرايا، عقد منتدى المثقف العربي لقاءه الثالث، في حشد فاق الأعداد المألوفة كل مرة، وبالرغم من سعة القاعة وجمالها، إلا أنها بدت ضيقة بالرواد الذين توافدوا من الساعة الخامسة متحدين تقلبات ( شباط ) الشتوية، وكان موضوع الندوة حديث الساعة، موضوع عولمة والثقافة العربية، هذا الموضوع بدا وكأنه نكاية لجرح أليم يشعر الجميع بخطورته.
افتتح راعي المنتدى: الدكتور عبد الولي الشميري هذا اللقاء بكلمة ترحيب شائقة، استهلها بقول أبي العلاء المعري :
رُب لـــــــــيـــــــل كــــــــــــــــــأنـــــــه الــصــــــــــــــــبح فـــــي الحــــســــــن
وإن كــــــــــــــــــان أســــــــــــــــود الطـــيـلـســــــــــــــــــــــــــــان

ومضى د. الشميري, يرحب بضيوف المنتدى، وكان في مقدمة الضيوف (حينئذ) المفكر العربي الراحل, محمود أمين العالم، ورجال الدبلوماسية العربية في القاهرة.


وفي كلمته دعا د. عبد الولي الشميري إلى إحياء الثقافة العربية وتجاوز الأزمة "الراهنة" حتى تستطيع الصمود أمام الريح "غير الطيبة" للعولمة وذلك بالاهتمام بالانتاج الثقافي ورعاية الإبداع والمبدعين منذ النشء والحرص على تفعيل اللغة العربية في الخطاب اليومي لرجل الشارع باعتبارها أهم ركائز الثقافة العربية وهو رأي اتفقت معه الإعلامية, جميلة علي رجاء المستشار بالسفارة اليمنية بالقاهرة، (حينئذ) والتي قامت بإدارة اللقاء بأسلوب رائع وحازم، ودعت في كلمتها باتخاذ كل التدابير الوقائية للحفاظ على الهوية القومية ليس بالانغلاق ولكن بالمواجهة الجادة قائلة ان العولمة الثقافية جاءت لتحمل معها «ميكروب الفناء» لبعض الحضارات الإنسانية ومن هنا ينبغي سرعة المواجهة.

الدكتور الشميري يتوسط السفير غالب علي جميل والمستشار هادي عامر ومجموعة من الحضور

صدمة الحداثة
وبدأت "جميلة", بتقديم المفكر العربي، محمود العالم الذي تحدث زهاء أربعين دقيقة في موضوع العولمة، وأظهرها وحشاً كاسراً يريد التهام ما بقي بين يدى الفقراء من بقية ثقافية، واقتصادية، ولغوية. وبدا –العالم- مستاء من الوضع الراهن للمثقف العربي قائلا: (نحن مازلنا «عيال» على الثقافة الغربية وثقافتنا العربية الحالية تتسم بالهشاشة مقارنة بالثقافة العربية الإسلامية في القرون الثمانية الأولى من التاريخ الهجري والتي ظهر فيها ابن رشد وابن سينا والفارابي والكندي والبيروني وغيرهم).
واتهم العالم النظريات الأدبية المعاصرة في الوطن العربي بأنها «استهلاكية» ومصابة بما اسماه «صدمة الحداثة». وأضاف بقوله: «انتحار أن ندير ظهورنا للعولمة وانتحار أيضا ان نندمج فيها».
واستخدم د. محمود أمين العالم تعبيرات وتوصيفات مثيرة عن العولمة الثقافية حيث وصف العالم المعاصر بأنه أشبه بحديقة حيوان تهيمن فيها وحوش الليبرالية على كل شيء وتزيل وتقتلع كل ما هو جميل من خلال تجارة السلاح والدعارة والمخدرات. وضرب أمثلة على ما أسماه «غول العولمة» ذاكراً بأن 20 في المائة من دول العالم تسيطر على 84 في المائة من التجارة العالمية وان ثروة اغنى 3 رجال في العالم تتعدى صادرات عدة دول نامية يزيد سكانها عن 600 مليون شخص، وتساءل «كيف نقاوم العولمة الثقافية و75 في المائة من تراثنا الثقافي غير محقق في حين ان اسرائيل قامت بترجمة كل التراث العبري قبل انشاء دولتها اليهودية؟»، وشدد على ان المثقف العربي يريد «عولمة انسانية» وليس «عولمة استغلالية».

الواجب اليومي
أما د. علي عبد الكريم الأمين المساعد للجامعة العربية (حينئذ) فقال: «بوصفي شاعراً وسياسياً أرى ان يكون الحديث عن العولمة مثل «الواجب اليومي» للمثقف العربي لان خطورة العولمة تطارد الثقافة العربية كل لحظة واقتحمت البيوت»، بينما تحدث د. نبيل علي، من اليمن أيضاً، عن ضرورة تحديد العلاقة بين سلطة الثقافة في الوطن العربي وثقافة السلطة واشار إلى ان ثقافة السلطة في العواصم العربية تطغى على سلطة الثقافة وتساءل: هل ترى السلطة الاعلام وسيلة للتنوير أم وسيلة للدعاية للنظام الحاكم؟ وهل السلطة مع المبدع الحقيقي أم مع اصدقاء النظم الحاكمة؟ وهل المصادرات لبعض الأعمال الإبداعية إحياء للإيمان بالدين أم لإرضاء قوى سياسية معينة؟
أما الباحث اليمني عبد الرحمن الوجيه فقال من الطبيعي ان يعمل الغرب جاهدا من اجل إشاعة العولمة باعتبارها «وسيلة لازالة الحواجز وفتح الأسواق أمام المنتجات الاميركية» داعياً للاستفادة من تجربة الانضمام للامم المتحدة قبل الانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
بينما اعتقد د. فاروق هاشم ـ استاذ بكلية اعلام القاهرة ـ ان المثقف العربي مازال سلبيا في مواجهة العولمة الثقافية وانه «لم يتظاهر مثقف واحد ضد العولمة مثلما تظاهر الشباب والشيوخ في سياتل ودافوس».

السيدة الفت العربي وبعض الشخصيات الاجتماعية والثقافية

السيدة الفت العربي وبعض الشخصيات الاجتماعية والثقافية

 

مداخلات ساخنة
وما أن توقف المحاضر حتي انهالت على إدارة المتقى سيول من طلبات المداخلة، والتعليق، والأسئلة، خاصة وأن الجمهور المشارك كان من نوعية ثقافية متميزة: بين أساتذة متخصصين في الجامعات، وأساتذة ومفكرين عرب مقيمين في القاهرة، كان في مقدمة المعلقين د. على عبد الكريم، الأمين المساعد لجامعة الدول العربية (حينئذ)، الذي سخر وتهكم من مفهوم العولمة، وختم كلمته بقصيدة ساخرة من العولمة ودعاتها .
وكان في القاعة ضيف كبير مميز هو الأستاذ الدكتور نبيل على: أستاذ متخصص بالمعلوماتية الإعلامية، حيث شارك بموضوعية مفيدة، ثم توالي على المنصة المتحدثون من دكاترة الجامعات والكتاب، ومنهم الأستاذ الدكتور قطب عبد العزيز: المذيع والناقد الأدبي المعروف، والشاعر السوري (الراحل) رائف المعري، ثم الأستاذ الزائز بكلية الإعلام جامعة القاهرة : د. فاروق هاشم، ومن أكاديمية الفنون بالقاهرة الدكتور عبد الحكيم العبد ، ثم الناقد المؤلف الأستاذ ربيع مفتاح -عليه رحمة الله .
ومن الأقطار العربية شارك بمداخلات مفيدة، وتعليقات جيدة كل من: الباحث اليمني الصحفي عادل شجاع، والباحث عبد الرحمن محمد الوجيه، والباحث عبد الرحمن الشامي، والباحث الشاعر إبراهيم أبو طالب، ومن سلطنة عمان شاركت بمداخلة جريئة: الشاعرة سعيدة خاطر، ومن جمهورية موريتانيا شارك بكلمة قيمة الأستاذ / أحمد سالم ولد أباه، ثم تحدثت السيدة ألفت العربي ( شاعرة مصرية ) والآنسة الصحفية الفلسطينية مها الغول، وكانت المداخلة التي تقدم بها الصحفي المصري, على عليوة، قد أثارت غيظاً، وأصابت المتكلم الرئيسي: محمود العالم بانفعال شديد وتأزم .
وبعد فاصل قصير من وجبة العشاء، استلم إدارة الندوة الإعلامي اليمني خالد عمر، وأبدى لباقة وفصاحة لفتت نظر الكثيرين، ثم أتحف الجمهور الفنان على شبانة / ابن عم الفنان الراحل عبد الحليم حافظ – بمعزوفة رائعة، ومشاركة الملحن الفلسطيني أحمد أباظة، ثم تلاه المطرب الفنان محيي صلاح وفرقته .
ثم تعاقب الحديث عن العولمة، من حيث الإجابة على الأسئلة: ما هي العولمة ؟ ما صلتها بالنظام العالمي الجديد ؟ وهل هي فكرة قديمة ؟ هل هي فكرة حديثة ؟ من الداعي إليها والراعي لها ؟ وهل هي في جانب اللغة ؟ أم الثقافة ؟ أم الاقتصاد ؟ أم الفكر ؟ أم في ذلك كله؟ وهل لدينا ثقافة قابلة لنعولم بها أمماً أخرى ؟ أم سنظل مستوردين لثقافات أخرى تطمس ثقافتنا ، وتمحو وجودنا الثقافي واللغوي ؟.. وسواها من الأسئلة.
وحول هذا المحور بدأت مداخلات جديدة، وتأويلات مفيدة، حيث استؤنف الحديث بإصرار وتحفز شديد، وكان معظم المتحدثين أساتذة وصحفيين ونقاداً، واستمرت المناقشات الفكرية والمشادات الثقافية حتي أعلنت إدارة المنتدى عن موعد الأمسية الشعرية، التي تسلم إدارتها الزميل جمال دربك مدير تحرير الوكالة العربية ( عرب برس )، وقدم باقة من كبار الشعراء المصريين والعرب على رأسهم الشاعر الكبير الدكتور محمد أبو دومة (عليه رحمة الله) الذي تغني بقصيدة رائعة عن القدس، ثم تلته باقة الشعراء ومنهم الورداني ناصف، (عليه رحمة الله) سمير عبد المنعم ، فتحية السعيد، الشاعر الفلسطيني يعقوب شيحا، والفلسطيني مصطفى الأغا، وأحمد أبو سديرة، والسيد إمام صالح، محمود حجاج، أحمد ماضي، والأستاذ فتحي نور الدين إسماعيل، والدكتور عبد الحكيم العبد .
وكان السمر تجاوز منتصف الليل فمال الحاضرون إلى سماع المطريين : محمد يسرى، وحمدى سليمان، وفقرات غنائية أخرى لشابات موهوبات من أحفاد أم كلثوم الكبري، وانصرف المشاركون زهاء الواحدة بعد منتصف الليل، بعد وجبة مكثفة من الثقافة والأدب والفنون، على أمل اللقاء مرة أخرى في اللقاء الرابع .

تغطية إعلامية متميزة
هذا وقد حظيت تلك الفعالية بتغطية صحفية متميزة من كافة وسائل الإعلام المصرية واليمنية بصفة خاصة, والعربية بصفة عامة.

 

 

أخبار متعلقة

الدكتور عبد الولي الشميري ينعي وفاة القاضي والشاعر اليمنى الكبير أحمد محمد المجاهد

ينعي الدكتور عبد الولي الشميري راعي ومؤسس منتدي المثقف العربي, وفاة القاضي

مؤلفات د. عبد الولي الشميري بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 53

تحتفى دور النشر العربية المختلفة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الحالية

على غرار مناظرات "منتدى المثقف العربي".. انطلاق الجولة الأولى من السجال الشعري.. "امريء القيس" بمكتبة مصر الجديدة

على غرار مناظرات "منتدى المثقف العربي".. انطلاق الجولة الأولى من السجال الشعري..

موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه للدكتور الشميري في معرض الدوحة الدولي للكتاب 2022

موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه للدكتور الشميري في معرض الدوحة الدولي للكتاب 2022

د. الشميري يشارك احتفالات اتحاد كتاب مصر باليوم العالمي للغة العربية

وسط حشد جماهيري كبير, شارك الدكتور عبد الولي الشميري راعي منتدى المثقف

بمشاركة "الشميري" ونخبة من أبرز الكتاب العرب.. كلية اللغة العربية بإسلام آباد تحتفل باليوم العالمي للغة العربية

نظم قسم الأدب بكلية اللغة العربية, جامعة إسلام آباد, احتفالية افتراضية كبرى